في سياق سعي المملكة العربية السعودية المتواصل إلى رفع كفاءة خدماتها وتمكين رؤية 2030، انطلقت فعاليات (هاكاثون لوجستيات الحج) ضمن (مؤتمر الحج 2025). ولم يَعد هذا الحدث مقتصرًا على تقديم خدمات تقليدية، بل تحول إلى سباق تقني يهدف إلى توظيف أدوات الثورة الصناعية الرابعة لخدمة ضيوف الرحمن.
ويمثل هذا الحدث، الذي تنظمه جامعة جدة بالشراكة مع وزارة الحج والعمرة، نقطة التقاء إستراتيجية بين الابتكار الأكاديمي والتطبيق الميداني، إذ تجتمع نخبة من المبرمجين والمبتكرين السعوديين لتحويل التحديات التشغيلية المعقدة إلى حلول رقمية ذكية.
ويُعدّ الهاكاثون دليلًا عمليًا على أن مستقبل الحج يرتكز بنحو أساسي على الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة، لضمان تجربة حج ميسّرة وآمنة ومستدامة.
أهداف (هاكاثون لوجستيات الحج):
يمثل (هاكاثون لوجستيات الحج) محاولة استباقية لمعالجة التحديات اللوجستية، التي يشهدها موسم الحج بسبب الأعداد الضخمة والتنقل المعقد، من خلال تحفيز الابتكار التقني الموجه.
إذ يسعى الهاكاثون إلى تحويل التحديات الميدانية والتشغيلية في منظومة الحج إلى فرص ابتكار واقعية عبر فرق عمل متخصصة، ويهدف إلى اكتشاف مشاريع وطنية واعدة وقابلة للتطبيق في الميدان، مما يمثل نقلة نوعية في توطين التقنيات الحديثة لخدمة ضيوف الرحمن، وتحويلها إلى مبادرات مشتركة بين الجامعات والجهات الحكومية.
كما يركز على رفع كفاءة منظومة النقل والإمداد والخدمات الذكية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز التحول الرقمي وجودة الخدمات.
مجالات الابتكار التقني:
منذ لحظة انطلاقه، جذب الهاكاثون مشاركات واسعة من الجهات الحكومية والجامعات والقطاع الخاص، ضمن بيئة تنافسية جمعت بين العصف الذهني والعمل الجماعي. وتتنافس الفرق المشاركة في تطوير حلول ضمن محاور تقنية ولوجستية تشمل:
- النقل الذكي: تطوير حلول لتبسيط حركة الحشود ومركبات النقل داخل المشاعر المقدسة.
- إدارة الحشود: استخدام التقنية لضمان سهولة حركة الحجاج وسلامتهم في نقاط الكثافة العالية.
- الخدمات الصحية: ابتكار حلول رقمية لتقديم رعاية صحية سريعة وفعالة.
- تجربة الحاج الرقمية: تحسين رحلة الحاج بالكامل، من لحظة القدوم حتى المغادرة، عبر حلول رقمية شاملة.
- سلاسل الإمداد الذكية: تحسين كفاءة إدارة وتوزيع الإمدادات داخل المشاعر المقدسة.
- الاستدامة البيئية: تطوير حلول تقنية لدعم استدامة الحج بيئيًا.
الأهمية الإستراتيجية لهاكاثون لوجستيات الحج 2025:
لا تقتصر أهمية هاكاثون لوجستيات الحج على ما سيقدّمه من حلول تقنية مباشرة، بل يتجاوز ذلك ليصبح منصة إستراتيجية تخدم أهدافًا وطنية كبرى، تشمل:
1. دعم مستهدفات رؤية 2030 في التحول الرقمي:
يُعدّ الهاكاثون ترجمة عملية لمفهوم التحول الرقمي في أقدس وأهم خدمة تقدمها المملكة للعالم عالميًا. فمن خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات الضخمة، تسعى منظومة الحج إلى تعزيز الجاهزية التشغيلية ومراقبة الأداء والاستجابة الفورية، مما يضمن تجربة حج ميسّرة وآمنة ومستدامة وفقًا لتصريحات وزارة الحج والعمرة.
2. بناء قاعدة بيانات وطنية للمواهب التقنية:
يتضمن الهاكاثون سلسلة ورش عمل متخصصة تشمل تحليل التحديات وصياغة المشكلات التقنية، وتصميم واجهات المستخدم، وتحليل احتياجات السوق والمستفيدين، بالإضافة إلى مهارات العرض أمام لجان التحكيم والمستثمرين المحتملين.
هنا.. تلتقي الأفكار لتُبدع، وتتحول التحديات إلى فرص!
📍منطقة الهاكاثونات#مؤتمر_ومعرض_الحج#من_مكة_إلى_العالم pic.twitter.com/ozh6tVBrUD
— مؤتمر ومعرض الحج Hajj Conference & Exhibition (@HajjConfEX) November 10, 2025
لذلك يُتوقع أن تسفر فعالياته عن قاعدة بيانات وطنية للمواهب السعودية في مجالات اللوجستيات الذكية والتقنيات الناشئة. ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو ترسيخ الاقتصاد المعرفي، إذ تتحول المواهب الشابة إلى طاقة وطنية قادرة على ابتكار حلول رقمية واقعية تعزز جودة الخدمات المقدّمة للحجاج وتدعم استدامة التطوير في هذا القطاع الحيوي.
3. ترسيخ التكامل الأكاديمي والتطبيقي:
يؤكد الهاكاثون الدور الحيوي للجامعات السعودية مثل: جامعة جدة في قيادة التحول التقني الوطني، من خلال الجمع بين البحث الأكاديمي والتطبيق العملي.
ضمن فعاليات هاكاثون لوجستيات الحج، قدمت #جامعة_جدة ورش عمل تناولت تحليل التحديات، صياغة المشكلات، وتوليد الأفكار التقنية من التحدي إلى الابتكار بخطوات بسيطة، بالإضافة إلى ورشة تحليل السوق والمستفيدين.
وسلّطت الورش الضوء على كيفية مواجهة المعوقات التشغيلية والتنظيمية والتقنية… pic.twitter.com/3fSvhRc2zM— جامعة جدة (@UOfjeddah) November 10, 2025
وتُعد الشراكة بين الجامعات ووزارة الحج نموذجًا ملهِمًا للتكامل بين الابتكار الأكاديمي والتنفيذ الميداني، يضمن أن تتحول الأفكار إلى مشاريع رقمية قابلة للتطبيق والتوسع.
4. ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي لإدارة الحشود:
يعزز نجاح المملكة في ابتكار وتطبيق حلول متقدمة لإدارة ملايين الحجاج سنويًا، موقعها كمركز عالمي للريادة في إدارة الحشود والنقل الذكي وسلاسل الإمداد اللوجستية.
كما يفتح الباب أمام تصدير التجربة السعودية كنموذج يحتذى به في الخدمات الذكية والعمليات الميدانية للفعاليات الكبرى حول العالم، لترسّخ المملكة دورها كقائد عالمي في دمج التقنية بالإنسانية.
من الهاكاثون إلى الريادة العالمية:
يمثل هاكاثون لوجستيات الحج مثالًا بارزًا على كيف يمكن لتكامل الجهود بين القطاع الحكومي والمؤسسات الأكاديمية والعقول الوطنية الشابة أن تصنع حلًا تقنيًا ذا أثر عالمي. فما يُنتظر من هذا الحدث لا يقتصر على تحسين الخدمات اللوجستية لضيوف الرحمن، بل يمتد ليُسهم في تعزيز البنية التحتية الرقمية للمملكة، وترسيخ حضورها كمختبر عالمي للابتكار في إدارة الحشود.
مشهدٌ يرسُم ملامح المستقبل من مكة إلى العالم، مُؤكدًا مكانة المملكة في خدمة ضيوف الرحمن. pic.twitter.com/gM9moX3XFx
— مؤتمر ومعرض الحج Hajj Conference & Exhibition (@HajjConfEX) November 10, 2025
ومن قلب هذا الهاكاثون، يبرز جيل سعودي جديد من المبتكرين يقود بخطى واثقة مسيرة التحول الرقمي، حاملًا رؤية وطنية تؤمن بأن التقنية ليست مجرد أدوات، بل قوة ناعمة لإثراء التجربة الإنسانية في أقدس بقاع الأرض.
