تدرس شركة OpenAI، المطورة لروبوت الدردشة الذكي ChatGPT، إمكانية إدراج الإعلانات في منصتها كطريقة جديدة لتنويع مصادر الإيرادات، وذلك في ظل التكاليف التشغيلية المرتفعة والمنافسة الشديدة في مجال الذكاء الاصطناعي. يأتي هذا التوجه كتحول محتمل بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الاشتراكات المدفوعة والعقود مع الشركات، ويدخل الشركة في منافسة مباشرة مع عمالقة الإعلان الرقمي مثل جوجل وميتا.
OpenAI وتوجهها نحو الإعلانات في ChatGPT
وفقًا لتقرير صادر عن موقع “ذا إنفورميشن” التقني، بدأت OpenAI في استكشاف نماذج إعلانية مختلفة، بما في ذلك إمكانية عرض الإعلانات مباشرةً ضمن الردود التي يقدمها ChatGPT أو بجانبها. لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن الشكل الذي ستتخذه هذه الإعلانات، لكن المناقشات الأولية تركز على إيجاد طرق لدمجها بشكل طبيعي وذي صلة بمحتوى المحادثة. هذا التحول يمثل خطوة استراتيجية نحو الاستدامة المالية للشركة، خاصةً مع استمرار النمو الهائل في استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.
تعتبر الإعلانات في ChatGPT فرصة فريدة للمعلنين للوصول إلى المستخدمين في لحظة احتياجهم للمعلومات أو البحث عن حلول لمشاكلهم. هذا الالتصاق بالسياق قد يجعل الإعلانات أكثر فعالية من الإعلانات التقليدية، لكنه يثير أيضًا مخاوف بشأن تجربة المستخدم.
التحديات المحتملة للإعلانات في ChatGPT
أحد أهم التحديات التي تواجه OpenAI هو الحفاظ على ثقة المستخدمين في دقة وموضوعية ردود ChatGPT. قد يؤدي إدراج الإعلانات بشكل غير مدروس إلى تقويض هذه الثقة، خاصةً إذا بدت الإعلانات وكأنها توصيات صادرة عن الذكاء الاصطناعي نفسه.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على OpenAI تطوير آليات فعالة لقياس أداء الإعلانات في بيئة المحادثة. تختلف مقاييس النجاح في الإعلانات داخل ChatGPT عن تلك المستخدمة في الإعلانات التقليدية، ويتطلب الأمر نهجًا جديدًا لتقييم العائد على الاستثمار للمعلنين. الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل تحديًا جديدًا في مجال التسويق الرقمي.
المنافسة مع جوجل وميتا
يدخل هذا التوجه OpenAI في منافسة مباشرة مع جوجل وميتا، اللتين تهيمنان حاليًا على سوق الإعلانات الرقمية. تعتمد جوجل وميتا بشكل كبير على جمع بيانات المستخدمين لعرض إعلانات مستهدفة، بينما قد تتمكن OpenAI من الاستفادة من فهمها العميق لسياق المحادثة لتقديم إعلانات أكثر ملاءمة.
ومع ذلك، تتمتع جوجل وميتا ببنية تحتية إعلانية راسخة وشبكات واسعة من المعلنين. سيتطلب الأمر من OpenAI بذل جهود كبيرة لبناء قدرات مماثلة وتجاوز المنافسة القائمة. الاستثمار في البنية التحتية هو أمر بالغ الأهمية لنجاح OpenAI في هذا المجال.
تأتي هذه الخطوة أيضًا في وقت يزداد فيه التدقيق التنظيمي في ممارسات شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك الإعلانات الرقمية. قد تواجه OpenAI تحديات قانونية وتنظيمية جديدة عند إطلاق منتجاتها الإعلانية، ويتطلب الأمر منها الامتثال للوائح الخصوصية وحماية البيانات.
تشير التقارير إلى أن OpenAI تدرس بعناية المخاطر المحتملة المرتبطة بالإعلانات، وتسعى إلى تطوير نماذج إعلانية شفافة ومسؤولة. من المرجح أن تكون أي منتجات إعلانية مستقبلية خاضعة لضوابط صارمة في البداية، وأن تُقدَّم بصيغة “مفيدة” أو ذات صلة مباشرة بالسياق، بدلًا من الإعلانات الترويجية الصريحة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تستكشف OpenAI نماذج إعلانية بديلة، مثل الإعلانات المدعومة من المستخدمين أو الإعلانات التي تعتمد على المكافآت. تهدف الشركة إلى إيجاد حلول إعلانية لا تضر بتجربة المستخدم وتساهم في تحقيق إيرادات مستدامة.
من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة اختبارات أولية محدودة للإعلانات في ChatGPT خلال عام 2026، مع التركيز على جمع البيانات وتحليل ردود فعل المستخدمين. سيكون توقيت الانتقال من الاختبارات الداخلية إلى الإطلاق العام، وطريقة عرض الإعلانات، واستجابة المستخدمين، من العوامل الحاسمة التي ستحدد نجاح OpenAI في هذا المجال الجديد.
وستراقب الصناعة عن كثب كيفية تعامل OpenAI مع هذه التحديات، وما إذا كانت ستتمكن من إيجاد توازن بين تحقيق الإيرادات والحفاظ على ثقة المستخدمين.
