أدّى إدماج الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية إلى تطورات استثنائية، خاصةً فيما يتعلق برعاية مرضى السرطان، وكان الذكاء الاصطناعي التوليدي أساس هذا التغيير؛ فهو قادر على تحليل كميات هائلة من بيانات المرضى وتقديم اقتراحات لتحسين التشخيص والعلاج؛ مما يساعد في الحصول على نتائج فضلى للمرضى.
ومن أبرز الأمثلة على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي لها دور في تطوير طرق رعاية مرضى السرطان ChatGPT، وفي هذا المقال سنتحدث عن دوره في هذا المجال:
أولًا: دور ChatGPT في رعاية مرضى السرطان:
أصبح لدى ChatGPT إضافةً إلى المعرفة الطبية المعقدة معلومات مفصلة عن المرضى، وأصبح قادرًا على مساعدة الأطباء في تشخيص السرطان بدقة، ووضع خطط العلاج بناءً على الملف الجيني للمريض، والتنبؤ بالمضاعفات المحتملة قبل حدوثها. وهذه التطورات نتيجة للتعاون بين Color Health -وهي شركة ناشئة للفحوصات الجينية- وشركة OpenAI مبتكرة ChatGPT.
وقد أدى هذا التعاون إلى تطوير روبوت Copilot للأطباء، وهو إصدار خاص من ChatGPT مُدرّب خصوصًا للمساعدة في علاج الأورام، ويستخدم هذا الروبوت نموذج GPT-4o لتطوير خطط الفحص والتشخيص المخصصة للمرضى، وهو قادر على مساعدة الكادر الطبي في اتخاذ قرارات مستنيرة حول طريقة فحص السرطان وعلاجه من خلال إدماج البيانات الطبية للمرضى مع أحدث العلاجات السريرية.
ثانيًا: تطوير ChatGPT للمساعدة في رعاية مرضى السرطان:
تستخدم OpenAI تقنية تُسمى Retrieval Augmented Generation (RAG) لبناء روبوت copilot مخصص من ChatGPT للأطباء، وهذه التقنية تمكّن الروبوت من استخلاص المعلومات من مصادر طبية خارجية بدلًا من الاعتماد على المعرفة الموجودة سابقًا؛ إذ تُزوّد RAG الأطباء بمعلومات شاملة عن المرضى ومعلومات طبية باستخدام مجموعة متنوعة من المصادر، مثل: الملاحظات السريرية، والوثائق الطبية، وتاريخ المريض، وأحدث الدراسات البحثية. باستخدام RAG يستخرج ChatGPT المعلومات المهمة بدقة، مثل: تاريخ عائلة المريض وعوامل الخطر الفردية، بالإضافة إلى المعلومات الطبية ذات الصلة من هذه المستندات.
إن القدرة الكبيرة لنموذج GPT-4o على فهم المعلومات المتعددة الوسائط – بدءًا من الملاحظات السريرية والرسومات الطبية إلى مستندات PDF – تُمكّنه من جمع الأفكار من أنواع البيانات المختلفة، وبعد تحليل جميع هذه المعلومات، يُصبح بالإمكان استخدام ChatGPT المخصص للأطباء للإجابة عن الأسئلة المهمة مثل: “ما الفحوصات التي يجب أن يخضع لها المريض؟” وسيستجيب الروبوت بالطريقة نفسها التي يستجيب بها ChatGPT العادي لمطالبات المستخدم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة ChatGPT على إنشاء المستندات تُمكّنه من تسهيل الأعمال اللازمة لعمليات التشخيص، مثل: إنشاء المستندات الطبية والحصول على تصاريح التأمين ومن خلال أتمتة هذه المهام، لن يقتصر دور ChatGPT على تعزيز كفاءة عملية التشخيص وحسب، بل سيوفر أيضًا المزيد من الوقت للكادر الطبي للتركيز أكثر في رعاية المرضى.
ثالثًا: كيفية توظيف Color Health لروبوت ChatGPT في رعاية مرضى السرطان:
حددت Color Health استخدامين أساسيين لروبوت ChatGPT في رعاية مرضى السرطان، هما: المساعدة في الكشف المبكر عن السرطان، والرعاية الفعالة في أثناء العلاج.
في حال الاستخدام الأولى، تواجه Color Health التحدي المتعلق في عدم حصول العديد من المرضى على الفحوصات الضرورية رغم توفر الأدوات والإرشادات المعتمدة، وتنشأ هذه الفجوة غالبًا بسبب زيارات الطبيب غير المنتظمة أو التعديلات غير الكافية في عمليات الفحص، وهنا يأتي دور ChatGPT كمساعد خبير لأخصائي الأورام لضمان عدم الإغفال عن أي من الفحوصات المهمة.
في حال الاستخدام الثانية، تدرك Color Health مدى أهمية الوقت لدى المرضى المشخصين بالسرطان، وقد تكون إجراءات ما قبل العلاج بطيئة؛ مما يؤدي إلى تأخير وعدم اكتمال المعلومات عند الأطباء، في مثل هذه الحالات، يمكن أن يتدخل ChatGPT من خلال تحديد الفحوصات اللازمة قبل موعد المريض مع الطبيب، وتسهيل عملية العلاج وتقليل التأخير.
من خلال بناء ChatGPT متخصص للأطباء، تهدف Color Health إلى سد هذه الفجوات في رعاية مرضى السرطان لضمان حصول المزيد من المرضى على الفحوصات والعلاجات اللازمة في الوقت المناسب.
رابعًا: ضمان الجودة والسلامة في رعاية مرضى السرطان:
إن ضمان الجودة والسلامة أمر بالغ الأهمية في علاج مرضى السرطان، ولتحقيق ذلك ركزت شركتا OpenAI و Color Health في الحفاظ على دور الطبيب الأساسي وإنشاء روبوت مساعد، ونتج عن ذلك إنشاء روبوت copilot، وروبوت doctor-in-the-loop.
يعمل روبوت copilot مساعدًا للطبيب وهو غير مصمم ليحل محل الطبيب، بل لزيادة قدرته وتمكينه من التعامل مع المهام الأكثر تعقيدًا بكفاءة، وأما روبوت doctor-in-the-loop فيسمح للأطباء بمراجعة مخرجات copilot قبل تسليمها إلى المرضى، وهذا النموذج التعاوني يساهم في تحسين دقة المعلومات والنتائج التي تُنتجها الروبوتات، ويحافظ أيضًا على الإشراف البشري الحاسم في رعاية المرضى من خلال الجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية.
بالإضافة إلى هذه الأساليب، من الضروري إجراء تقييم شامل لهذه التكنولوجيا في البيئات السريرية قبل تعميمها في العالم، ولتحقيق ذلك؛ تتعاون Color Health مع مركز هيلين ديلر للسرطان التابع لجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF HDFCCC) لإجراء التقييم الشامل، واعتمادًا على نتائج التقييم؛ ستكون هناك إمكانية لإدماج ChatGPT المخصص للأطباء في سير العمل السريري لجميع حالات السرطان الجديدة في UCSF، وتضمن عملية التقييم هذه أن الروبوت المخصص للأطباء يلبي أعلى معايير الفعالية والسلامة قبل إتاحته على نطاق واسع.