أصبح تلوث الهواء مشكلة صحية ملحة جدًا بالنسبة للكثيرين وسط تغير المناخ الذي يشهده كوكب الأرض، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية أن تلوث الهواء يسبب ما يقرب من 7 ملايين حالة وفاة سنويًا، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تكلفة الأضرار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء تبلغ 8.1 تريليونات دولار في السنة.
وللتغلب على هذه المشكلة؛ طورت شركة ناشئة تدعى (Mobile Physics)؛ تقنية جديدة تُسمى (note the space) تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي يمكنها تحويل الهاتف الذكي إلى جهاز لقياس جودة الهواء لحظيًا، مما يمنح المستخدمين فكرة عن مدى سلامة البيئة المحيطة بهم.
وقد تعاونت الشركة مع شركتي (STMicroelectronics) وكوالكوم لإدماج هذه التقنية في معالج (Snapdragon 8 Gen 3) الجديد، لتصبح بذلك خاصية قياس جودة الهواء مدمجة في الهاتف الذكي لأول مرة.
وأكدت كوالكوم أن هذا الحل يُعد أصغر بمقدار 600 مرة من أجهزة مراقبة جودة الهواء الفعلية دون التضحية بالدقة، ونظرًا إلى أنه مدمج في المعالج، فيمكنه العمل على مدار الساعة، مما يوفر معلومات عن جودة الهواء حولك لحظيًا.
ما آلية عمل التقنية الجديدة؟
تستخدم التقنية الجديدة المستشعرات والكاميرات الموجودة في هواتف أندرويد الرائدة، لاكتشاف جودة الهواء، ومستويات الدخان، ومعدل التعرض للأشعة فوق البنفسجية، ودرجات الحرارة، وشدة الرياح وغيرها من العوامل البيئية المحيطة، حتى عندما يكون الهاتف موجودًا داخل جيب المستخدم، وعندما تكتشف شيئًا مثيرًا للقلق، فإنها ستنبه المستخدم لحظيًا، عبر تطبيق مثبت سابقًا في الهاتف.
قال إيرز وينروث؛ عالم البيئة والمؤسس المشارك لشركة (Mobile Physics)، في تصريح لموقع Axios: “يمكن لهذه التقنية قياس ما يُسمى بالجسيمات الملوثة PM2.5 – وهي الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون أو أقل، ولا يمكن للعين رؤيتها أو ترشيحها بالأنف – وعندما تكتشف هذه التقنية أي مستوى خطير من هذه الجسيمات، ستنبه المستخدم، وستقدم له توصيات يمكنها القيام بها، مثل: فتح النافذة أو إغلاقها، أو تشغيل جهاز تنقية الهواء الداخلي أو الابتعاد عن الشمس أو ارتداء قناع”.
وقد أدمجت شركة كوالكوم هذه التقنية في معالج (Snapdragon 8 Gen 3) الجديد لمعالجة البيانات التي تجمعها مستشعرات (dToF) الخاصة بشركة (STMicroelectronics) الموجودة في هواتف أندرويد الرائدة، وهي مستشعرات تستخدم الليزر لقياس المسافة بينها وبين والكائن المستهدف، وتُستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات في الهواتف الذكية، بما يشمل: تطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، كما تعمل على تحسين مزايا الكاميرا، إذ تُستخدم لإنشاء صور ومقاطع فيديو بتأثير Bokeh، وتحسين وضع التركيز التلقائي لحظيًا.
وقال وينروث: “إن هذه المستشعرات، التي تستخدم الضوء لقياس المسافة، يمكنها اكتشاف الجسيمات الدقيقة”. وأضاف أن شركات تصنيع الهواتف المهتمة بإدماجها في هواتفها، تشمل: سامسونج، وجوجل، وشاومي.
ونظرًا إلى أن هذه التقنية الجديدة مدمجة في المعالج، فيمكنها إجراء عمليات الفحص للعوامل البيئية المحيطة هذه في خلفية الهواتف وقياس جودة الهواء لحظيًا، في حين يقوم الأشخاص بفحص رسائل البريد الإلكتروني أو القيام بأي مهمة أخرى في هواتفهم.
وقال روجر كورنبرج؛ الأستاذ بجامعة ستانفورد، الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2006 ورئيس شركة (Mobile Physics): “يمكن للهواتف اليوم عرض بيانات جودة الهواء من محطات الأرصاد الجوية القريبة، ولكن أكثر مصادر التلوث خطورة الآن موجودة داخل منازلنا، حيث تأتي من مصادر مثل: الطبخ، والمكنسة الكهربائية، ومجفف الشعر، وهذا ما تساعد فيه التقنية الجديدة، إذ توفر لنا فهمًا أفضل لمخاطر جودة الهواء حولنا، وتساعدنا في الحفاظ على صحتنا ورفاهيتنا”.
مخاوف الخصوصية:
ستجمع هذه التقنية كمًا هائلًا من البيانات التي يمكن أن تُباع لجهات خارجية، مثل: الجهات الحكومية والصحية، أو شركات التأمين، وللتغلب على هذه المشكلة، قال وينروث: “إن الأشخاص الذين يشترون هواتف مدمجة فيها هذه التقنية سيكون لديهم القدرة على إلغاء الاشتراك فيها”. كما تخطط الشركة لتقديم خطة مدفوعة في التطبيق الخاص بالتقنية تحتوي على مستويات إضافية من المعلومات.