شاركت الدكتورة رُلى شرقي، المحاضرة في جامعة هيريوت وات في دبي، في تطوير ما يعتقد أنه أول (سوار ذكي للأطفال) في العالم قادر على مراقبة العلامات الحيوية للطفل على مدار الساعة، مع إمكانية إرسال تنبيهات نصية إلى الوالدين في الحالات الطارئة، ودق ناقوس الخطر مع خدمات الطوارئ.
قضت الدكتورة رُلى شرقى الـ 12 شهرًا الماضية في العمل على مشروع (ليتل جارد) أو (الحارس الصغير) بالتعاون مع نخول كالايفانان، وهو طالب فى السنة الرابعة بكلية هندسة الروبوتات في جامعة هيريوت وات، الذي انضم إلى المشروع كجزء من دراسته النهائية.
وبعد بناء نموذج أولي ناجح، يقول الثنائي إنهما على استعداد لعرض فكرتهما على شريك صناعي لديه القدرة على تقديم هذا الابتكار إلى السوق.
وقالت الدكتورة رُلى شرقي: “نحن نؤمن حقًا بهذا المنتج وقدرته على إنقاذ الأرواح، إذ تُعدّ الحمى غير المسيطر عليها من الأسباب الرئيسية للوفيات بين الرضع، لذا فهي مشكلة خطيرة جدًا لهذا السبب سنكون سعداء بتقديم عملنا لشركة تمتلك المعرفة والشغف لطرح هذا المنتج في السوق”.
ابتكار نسائي:
جاء الإلهام لتطوير السوار الذكي في عام 2018 عندما كانت الدكتورة رُلى، تعتني بابنها يوسف البالغ من العمر عامين، الذي كان يعاني من حمى بسبب الأنفلونزا الموسمية، إذ تركت الانتقالات المتكررة من غرفة نوم يوسف وإليها لقياس درجة حرارته على مدار ثلاثة أيام وليالٍ الدكتورة رُلى منهكة، لأن الحمى عادة ما تتفاقم في الليل ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان بشكل طبيعي في المساء.
ونتيجة لذلك، ستكون أي حمى أكثر حدة خلال ساعات الليل، مما يجعل مراقبة الطفل طول الليل ضرورية بنحو خاص لضمان صحته وعدم تفاقم الوضع.
وتوضح الدكتورة رُلى شرقي الأمر قائلة: “من تجربتي، كأم تعمل بدوام كامل، يمكن أن يكون من الصعب للغاية التوفيق بين التحديات المنزلية اليومية والوظيفة، وقد كان هذا هو الحال عندما أصيب ابني بحمى بسبب فيروس الأنفلونزا على مدار ليلتين. وهو أمر معتاد عن الأطفال وغالبًا ما يكون مرهقًا للأهل الذين يجب عليهم تفقد الطفل بانتظام، مما يفقد الوالدين النوم ويرهقهم”.
ومن خلال هذه التجربة الصعبة خطرت لي فكرة جهاز يمكنه إخطاري عبر الرسائل النصية عندما ترتفع أو تنخفض درجة حرارة طفلي عن المستوى الآمن، إذ يراقب السوار الذكي درجة حرارة الجسم ومستويات الأكسجين ومعدل النبض من خلال مجموعة من المستشعرات النانوية المتقدمة. ولا شك أنه تتوفر منتجات مشابهة من شركات كبرى في الأسواق، ولكن هذا السوار الذكي هو الأول الذي يمكنه مراقبة درجة حرارة الطفل أيضًا.
مزايا السوار الذكي الجديد:
يمكن وضع السوار على جلد الطفل مباشرة لأنه مصنوع من قماش ناعم ومعزز بمستشعرات دقيقة جدًا، مما يوفر قراءات دقيقة باستمرار. كما أنه لاسلكي ويعمل حاليًا ببطارية قابلة لإعادة الشحن ومن المتوقع أن تستمر في العمل نحو ستة أشهر بشحنة واحدة.
وبالإضافة إلى مراقبة العلامات الحيوية، يتميز الجهاز بقدرة فريدة على إرسال رسائل نصية تنبيهية مباشرة إلى الوالدين وحتى إلى طلب خدمة الطوارئ. مما يضمن الاستجابة الفورية والدعم، ويوفر طبقة إضافية من الأمان لصحة وسلامة الطفل.
عندما تتجاوز القراءات الحيوية الحدود الآمنة، يُرسل بريد إلكتروني أو إشعار إلى الوالدين عبر تطبيق. كما يوجد خيار لإرسال التنبيه نفسه إلى طبيب العائلة لضمان تلقي المعلومات لحظيًا في حالة الحاجة إلى الرعاية الطبية.
ومن جهته قال نخول كالايفانان، هو في سنته النهائية لدراسة بكالوريوس الهندسة (مع مرتبة الشرف) في أنظمة الروبوتات الذاتية والتفاعلية: “بفضل تصميم هذا السوار، لن تكون هناك أي قراءات خاطئة لأن المستشعرات موضوعة مباشرة على الجلد، كما أنه خيار أكثر أمانًا على الأطفال لأنه مصنوع من قماش ناعم، واستخدمنا أيضًا مستشعرات متقدمة مدمجة في تصميمنا”.
اليوم العالمي للمرأة في الهندسة:
وفي اليوم العالمي للمرأة في الهندسة، الذي يوافق 23 من يونيو من كل عام، تتطلع الدكتورة المهندسة رُلى شرقي في جامعة هيريوت وات، إلى إقامة شراكة مع الشركات لطرح سوار المعصم الذكي الذي طورته بالتعاون مع الطالب نخول كالايفانان في السوق.
تُعدّ أهمية دور المرأة في مجال الهندسة أمرًا بالغ الأهمية، إذ يمكنها تقديم منظور نسائي وإنساني فريد في المشاريع يمكن أن يساهم في تطوير حلول أكثر شمولية وإنسانية تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، خاصّةً تلك التي غالبًا ما تُهمل.
ومن خلال اختيارها لمشاريع ترتكز على تجربتها الشخصية ومعرفتها العميقة بالتحديات اليومية، يمكن للمرأة إحداث تطور ملحوظ في مجالات الهندسة والابتكار.
ولقد كانت والدة الدكتورة رُلى شرقي واحدة من أوائل خريجات الهندسة في العالم العربي، والآن، بعد أن سلكت هذا المضمار تأمل الدكتورة رُلى أن يمكن لعملها في الجامعة تشجيع النساء الأخريات على التفكير في الهندسة كمهنة.
وقالت: “ألهمتني والدتي لدخول مجال الهندسة والتخصص في التدريس في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية، ومن خلال المشاركة في مشاريع، مثل هذه، آمل أن أستطيع إلهام الجيل الجديد للتقدم للحصول على درجة الهندسة”.