أدانت محكمة فيدرالية في سان فرانسيسكو اثنين من المديرين التنفيذيين في شركة Done للصحة عن بعد بتهم تتعلق بالتآمر لتوزيع عقار أديرال ومواد منشطة أخرى بشكل غير قانوني. تأتي هذه الأحكام في قضية تعتبر الأولى من نوعها تتعلق بالرعاية الصحية عن بعد والمخدرات، مما يثير تساؤلات حول تنظيم هذه الصناعة المتنامية. القضية تلقي الضوء على المخاطر المحتملة المرتبطة بوصف الأدوية عبر الإنترنت.
أدانت هيئة المحلفين روثيا هي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Done Global، وديفيد برودي، الرئيس السريري لشركة Done Health، بتهمة التآمر لتوزيع مواد خاضعة للرقابة، وعدد من التهم الفردية المتعلقة بتوزيع هذه المواد والاحتيال في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى التآمر لعرقلة سير العدالة. وتواجه كلتا المدانتين عقوبة السجن لما يصل إلى 20 عامًا.
التحقيق يكشف عن ممارسات غير قانونية في وصف أديرال
كشف التحقيق، الذي أجرته وزارة العدل الأمريكية ومكتب المفتش العام لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، عن ممارسات مثيرة للجدل في شركة Done Global. اشترت الشركة إعلانات بقيمة تزيد عن 40 مليون دولار على وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الأشخاص الذين يبحثون عن أدوية لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، وغالبًا ما تستهدف أولئك الذين يسعون للحصول عليها دون وصفة طبية قانونية.
استغلال جائحة كوفيد-19 والتسويق المضلل
بدأت هذه الممارسات خلال ذروة جائحة كوفيد-19، حيث ازداد الطلب على خدمات الصحة عن بعد. وفقًا للوزارة، كانت الشركة تقوم بإعلانات مضللة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الوصفات الطبية المكتوبة لأدوية ADHD.
بالإضافة إلى ذلك، كشف التحقيق عن أن الشركة كانت تدفع للممرضين الممارسين مبالغ كبيرة – تصل إلى 60 ألف دولار شهريًا – لإعادة صرف الوصفات الطبية وتنفيذ نظام “إعادة التعبئة التلقائية”، والذي سمح بإعادة صرف الأدوية بشكل متكرر دون تقييم شامل من قبل الأطباء.
الاحتيال على شركات التأمين وتجاهل سلامة المرضى
لم يقتصر الأمر على التسويق المضلل وإعادة الصرف غير القانوني، بل اتهمت وزارة العدل الشركة أيضًا بالتآمر للاحتيال على شركات التأمين من خلال المطالبة بتغطية تكاليف أديرال بشكل غير صحيح. الأكثر إثارة للقلق هو أن الشركة استمرت في وصف الدواء للمرضى حتى بعد تلقي تقارير عن آثار جانبية خطيرة، مثل نوبات الهوس والذهان.
وأشار كريستيان جيه شرانك، من مكتب المفتش العام لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، إلى أن القضية تمثل “أفظع الانتهاكات التي شهدناها في مجال الرعاية الصحية عن بعد”، مؤكدًا أن الشركة قامت ببناء نموذج تجاري “يعتمد على الإدمان والخداع وتجاهل سلامة المرضى”.
تداعيات القضية ومستقبل الرعاية الصحية عن بعد
يثير هذا الحكم تساؤلات مهمة حول الرقابة والتنظيم في قطاع الرعاية الصحية عن بعد، والذي شهد نموًا هائلاً في السنوات الأخيرة، وخاصة مع انتشار جائحة كوفيد-19. من الواضح أن هناك حاجة إلى معايير صارمة لضمان سلامة المرضى ومنع الممارسات غير القانونية.
تعتبر هذه القضية سابقة مهمة في مجال تنظيم شركات الصحة الرقمية. قد يؤدي الحكم إلى مراجعة شاملة للممارسات الحالية في هذا القطاع، وربما إلى تشديد الرقابة على وصف الأدوية عبر الإنترنت. يضاف إلى ذلك، فإن التركيز على العلاج عن بعد (teletherapy) والمساعدة النفسية عن بعد (online psychological support) قد يزداد بهدف توفير بدائل آمنة وقانونية.
أصدرت شركة Done Global بيانًا في وقت سابق تنفي فيه ارتكاب أي مخالفات، مؤكدة على التزامها بتوفير الرعاية الصحية العقلية للمحتاجين. وعلى الرغم من هذا البيان، فإن الإدانة تشكل ضربة قوية لسمعة الشركة.
من المقرر أن يصدر الحكم على روثيا هي وديفيد برودي في 25 فبراير 2026. سيبقى المجتمع الطبي والقانوني في حالة ترقب لمتابعة تطورات القضية وتأثيرها على مستقبل الرعاية الصحية عن بعد. مع استمرار نمو الرعاية الصحية عن بعد، ستكون هناك حاجة ماسة إلى ضمان أن هذه الخدمات يتم تقديمها بطريقة آمنة وأخلاقية وقانونية.
