إن فصل حالات المادة المظلمة المتفاعلة مع نفسها عن تذمر الكون يعد مهمة حساسة، ولكن الآن، قام أحد الباحثين بتطوير خوارزمية قد تبسط هذا العمل.
إن خوارزمية التعلم العميق (هذا صحيح، فهي في الأساس عبارة عن ذكاء اصطناعي) قادرة على التمييز بين تفاعلات المادة المظلمة الذاتية والتغذية الراجعة الناتجة عن مصادر كونية صاخبة، مثل النوى المجرية النشطة التي تحتوي على ثقوب سوداء هائلة الكتلة في أنويتها. وقد نُشر البحث الذي يصف هذا النهج اليوم في مجلة علم الفلك الطبيعي.
المادة المظلمة هي الاسم الشامل لنحو 27% من الكون الذي لا نراه. بعبارة أخرى، هناك جزء ضخم من مادة الكون لا ينبعث منه الضوء، مما يجعل من المستحيل على التلسكوبات رؤيته مباشرة. ومع ذلك، تتفاعل المادة المظلمة مع بيئتها جاذبيًا، لذلك يمكن للباحثين رؤية تأثيراتها على نطاقات ضخمة، مثل الهالات حول المجرات وفي ما يسمى بحلقات أينشتاين.
وللعثور على هذه الإشارات الدقيقة للمادة المظلمة التي تتفاعل أحيانًا مع نفسها وسط صخب الكون، قام الباحث ديفيد هارفي، عالم الفلك في المدرسة الفيدرالية للفنون التطبيقية في لوزان، بتدريب شبكة عصبية ملتوية على صور من مشروع BAHAMAS-SIDM. ووفقًا لبيان الجامعة، فإن المشروع “ينمذج مجموعات المجرات في ظل سيناريوهات مختلفة من المادة المظلمة والنوى النشطة”. وبينما كانت الشبكة العصبية تتلقى صورًا لهذه المجموعات المجرية، تعلمت غربلة الإشارات المرتبطة بتفاعلات المادة المظلمة من تلك التي تسببها النوى المجرية.
وكتب هارفي في الدراسة: “تعمل معلومات العدسات الضعيفة في المقام الأول على التمييز بين المادة المظلمة المتفاعلة ذاتيا، في حين تعمل معلومات الأشعة السينية على تفكيك نماذج مختلفة من ردود الفعل الفيزيائية الفلكية”.
كانت الشبكة العصبية الأكثر دقة هي Inception. بلغت دقة Inception 80% في الظروف المثالية، وحافظت على هذا الأداء عندما أضيفت الضوضاء الرصدية إلى النظام. ومن المتوقع وجود ضوضاء رصدية في أي بيانات تلسكوبية، مثل تلك الواردة من Euclid، تلسكوب الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية الذي تبلغ تكلفته 1.4 مليار دولار، والذي سيصور مليارات المجرات في بحثه عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وأضاف هارفي في ورقته البحثية: “تمثل هذه الطريقة طريقة لتحليل البيانات من التلسكوبات القادمة والتي تكون أكثر دقة بمقدار عشرة أضعاف وأسرع بكثير من الطرق الحالية، مما يمكننا من استكشاف خصائص المادة المظلمة بشكل لم يسبق له مثيل”.
في حين أننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن تحديد الجسيمات أو الظواهر المسؤولة عن المادة المظلمة، فإن أساليب الذكاء الاصطناعي في التعامل مع هذه القضية قد تسرع من اكتشافات العلماء حول طبيعة المادة المجهولة. وبفضل تلسكوبات مثل إقليدس، أصبح لدى الباحثين كميات هائلة من البيانات التي يتعين عليهم غربلتها في بحثهم عن الإجابات. وقد تسرع الخوارزميات مثل تلك التي تشكل الأساس لفيلم Inception من التحقيقات في هذه البيانات.