شهد عام 2023 ارتفاعًا ملحوظًا في ثروات كبار المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا الأمريكي، مدفوعة بشكل أساسي بالاهتمام المتزايد بالـالذكاء الاصطناعي. وأظهرت بيانات حديثة أن هؤلاء القادة أضافوا أكثر من 550 مليار دولار إلى صافي ثرواتهم خلال العام، مما يعكس التفاؤل الكبير في السوق بشأن مستقبل هذه التكنولوجيا. هذا الارتفاع يأتي في ظل استثمارات عالمية ضخمة في تطوير الذكاء الاصطناعي.
وبلغت القيمة الإجمالية لثروات أكبر 10 مؤسسين ورؤساء تنفيذيين في شركات التكنولوجيا الأمريكية حوالي 2.5 تريليون دولار في نهاية العام الحالي، مقارنة بنحو 1.9 تريليون دولار في بداية العام. ويتماشى هذا النمو مع أداء مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” الذي ارتفع بأكثر من 18% خلال نفس الفترة، مما يشير إلى صحة عامة لسوق الأسهم الأمريكية.
تأثير الذكاء الاصطناعي على ثروات التكنولوجيا
يعزى هذا النمو الكبير في الثروات إلى عدة عوامل، أبرزها الإنفاق العالمي الهائل على رقاقات الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات المتطورة، والمنتجات والخدمات المرتبطة بهذه التكنولوجيا. على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن احتمال وجود فقاعة استثمارية في هذا القطاع، إلا أن المستثمرين يبدون استعدادًا كبيرًا للمخاطرة في سبيل الحصول على حصة في مستقبل الذكاء الاصطناعي.
صدارة إيلون ماسك وتألق إنفيديا
تصدر إيلون ماسك قائمة الأغنياء، حيث بلغت ثروته 645 مليار دولار، بزيادة تقدر بنحو 50% خلال عام واحد. يعود هذا الارتفاع إلى حزمة التعويضات والمكافآت المالية الكبيرة التي حصل عليها من شركة “تسلا”، بالإضافة إلى التقييم المتزايد لشركة “سبيس إكس” التي يقودها.
كما استفاد مؤسسا “جوجل”، لاري بايج وسيرغي برين، من التقدم الذي حققته الشركة في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى زيادة كبيرة في ثرواتهما. أما جيف بيزوس، مؤسس “أمازون”، فقد شهد زيادة محدودة نسبيًا في ثروته مقارنةً بالآخرين.
ومن بين أبرز الرابحين أيضًا جنسن هوانغ، مؤسس شركة “إنفيديا”، التي أصبحت أكبر شركة مدرجة في العالم من حيث القيمة السوقية. يعزى هذا النجاح إلى الطلب المتزايد على رقاقات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها الشركة، والتي تعتبر ضرورية لتشغيل العديد من التطبيقات والخدمات الحديثة.
تحركات أخرى في قائمة الأثرياء
في المقابل، قام عدد من المليارديرات ببيع أسهمهم بمليارات الدولارات، من بينهم بيزوس ومايكل ديل. قد يكون هذا البيع جزءًا من استراتيجية لإدارة المخاطر أو لتحقيق أرباح رأسمالية.
ومع ذلك، شهد مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، تراجعًا في ترتيبه بعد انخفاض سعر سهم الشركة مؤخرًا. يعكس هذا الانخفاض قلق المستثمرين بشأن حجم الإنفاق الكبير على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي دون وجود خطة واضحة لتحقيق عوائد ملموسة.
أما لاري إليسون، مؤسس “أوراكل”، فقد ارتفعت ثروته بعد إعلان الشركة عن صفقة كبيرة لمراكز البيانات مع “OpenAI”، قبل أن يشهد سهم الشركة لاحقًا بعض التراجع. في حين كان بيل غيتس هو الوحيد في القائمة الذي أنهى العام بثروة أقل من بدايته، وذلك بسبب استمراره في بيع أسهم “مايكروسوفت” لتمويل أعماله الخيرية.
مستقبل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
من المتوقع أن يستمر الاهتمام بالـالذكاء الاصطناعي في النمو خلال العام القادم، مما قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في ثروات قادة التكنولوجيا. ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين بشأن المخاطر المحتملة، مثل تقييمات الأسهم المبالغ فيها والمنافسة الشديدة في هذا القطاع.
سيراقب المحللون عن كثب تطورات السوق في الربع الأول من عام 2024، مع التركيز على أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى وقدرتها على تحقيق عوائد ملموسة من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. كما سيتابعون عن كثب أي تغييرات في السياسات الحكومية التي قد تؤثر على هذا القطاع، مثل قوانين تنظيم الذكاء الاصطناعي أو القيود المفروضة على تصدير التكنولوجيا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تطورات في مجال الحوسبة الكمومية (quantum computing) قد تؤثر على مستقبل الـالذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن توفر هذه التكنولوجيا قدرات حوسبة هائلة قد تسرع من تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
