يمكن أن تصبح الفيزياء غريبة حقًا على المستوى المجهري. بالنسبة للمخلوقات الصغيرة التي تعيش على هذا النطاق، فإن هذه الانحرافات هي ما يسمح لها بالنمو على الرغم من حجمها، بما في ذلك الدودة التي يصفها الباحثون بأنها واحدة من “أصغر وأفضل القافزات في العالم”.
في ورقة بحثية حديثة نشرت في Proceedings of the National Academy of Sciences، قام الباحثون بالتحقيق في الفيزياء الغريبة لـ “آلية الشحن الدودية”، والتي تمكن S. carpocapsae، دودة طفيلية، للقفز على فريسة جوية باستخدام الكهرباء الساكنة.
عندما تستشعر الدودة الصغيرة، أو الديدان الخيطية، حشرة تحلق فوقها، فإنها تتجعد في حلقة وتقفز إلى ارتفاع يصل إلى 25 ضعف طول جسمها، وهو ما يعادل “قفز إنسان أعلى من مبنى مكون من 10 طوابق”، وفقًا للباحثين. أثناء القفزة، يمكن أن تدور ما يصل إلى 1000 مرة في الثانية.
وقال فيكتور أورتيجا خيمينيز، كبير مؤلفي الدراسة وعالم الأحياء بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، في بيان صحفي: “أعتقد أن هذه الديدان الخيطية هي من أصغر وأفضل القافزات في العالم”. “قد تتوقع العثور على اكتشافات كبيرة في الحيوانات الكبيرة، ولكن الحيوانات الصغيرة تحمل أيضًا الكثير من الأسرار المثيرة للاهتمام.”
وأضاف رانجيانجشانج ران، المؤلف الرئيسي المشارك للدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في جامعة إيموري، في البيان: “باستخدام الفيزياء، تعلمنا شيئًا جديدًا ومثيرًا للاهتمام حول استراتيجية التكيف في الكائن الحي”.
الكهرباء الساكنة في الطبيعة
تشير الكهرباء الساكنة إلى تراكم الشحنات الكهربائية على السطح، مما قد يؤدي إلى تفريغ سريع وقصير عندما يتم فرك سطحين معًا. وكان الفريق الذي يقف وراء النتائج الجديدة قد أجرى سابقًا بحثًا حول دور الكهرباء الساكنة، أو الكهرباء الساكنة، في استراتيجيات البقاء المختلفة للحياة البرية.
على سبيل المثال، يستخدم القراد الكهرباء الساكنة الموجودة في فراء الحيوان ليحلق في الهواء داخل الحيوان، بينما تقوم شبكات العنكبوت بحبس الفريسة كهربائيًا باستخدام مبادئ مماثلة. ومن هذا العمل، ابتكر الباحثون طريقة للتحكم في الإمكانات الكهربائية للمخلوقات الصغيرة، مما مكنهم من دراسة الديناميكا الهوائية للديدان الخيطية.
صياد صادم
بالنسبة للتجربة، لاحظ الباحثون كيف أن ذباب الفاكهة – وهو مضيف شائع للديدان الخيطية – يولد مئات الفولتات في الجو بمجرد رفرفة أجنحته. لقياس الجهد الدقيق والتحكم فيه، قام الفريق بلصق أسلاك صغيرة على الجزء الخلفي من كل ذبابة فاكهة.
أما بالنسبة للديدان الخيطية، فقد استخدم الفريق ورقًا مبللًا لخلق ظروف تحفز الديدان على القفز، مما يمنحها نفخة من الهواء “كتشجيع” قبل قفزتها، كما أشار الباحثون في البيان الصحفي. في بعض التجارب، أضاف نفق رياح صغير نسيمًا لطيفًا إلى البيئة لمحاكاة ظروف طبيعية أكثر.
تم تسجيل القفزات باستخدام كاميرا خاصة عالية السرعة، والتي التقطت المسارات المجهرية للديدان بمعدل 10000 إطار في الثانية. بعد ذلك، أجرى الفريق خوارزميات حسابية على العوامل المحتملة لحساب مسار الدودة، مثل الجهد الإجمالي، أو سرعة الإطلاق، أو قوة السحب، وهي مقاييس نموذجية للأجسام الطائرة.
ووجدوا أن ذبابة الفاكهة التي تولد بضع مئات من الفولتات حصلت على دودة قافزة لتوليد الشحنة المعاكسة. أدى هذا لاحقًا إلى زيادة فرص نجاح الدودة في الهبوط على فريستها. ومع ذلك، فمن دون الكهرباء الساكنة، لم يتمكن سوى مسار واحد فقط من أصل 19 مسارًا للدودة من الوصول إلى الحشرة.
الديدان رائعة حقًا
للتوضيح، تخاطر الديدان كثيرًا أثناء القفز، لأن الفعل نفسه يستهلك الكثير من الطاقة ويعرضها لخطر الافتراس أو الجفاف في الهواء. وأوضح ران أن هذا يشير إلى أنه “بدون الكهرباء الساكنة، لن يكون من المنطقي أن يتطور سلوك القفز المفترس هذا في هذه الديدان”.
ومع ذلك، فإن الأمور تأخذ منعطفًا مروعًا عندما تلتصق الديدان الخيطية بهدفها، على الأقل من وجهة نظر المضيف الجديد. بعد الهبوط، تدخل الديدان إلى جسم الحشرة من خلال أي فتحة طبيعية. ثم يطلق البكتيريا التكافلية التي تقتل المضيف بسرعة، عادة خلال 48 ساعة. ويستمر الطفيل في التغذي على البكتيريا والمضيف بعد الوفاة، ويضع بيضه في الجثة.
مريض، نعم. ولكن، كما تظهر النتائج الجديدة، فهي مليئة بالتقاطعات الرائعة بين علم الأحياء والفيزياء!
