شهد عام 2025 تحولًا مفاجئًا في مسار شركة جوجل، حيث تغلبت على سلسلة من التحديات القانونية والتنافسية التي كادت تهدد نموذج أعمالها. فبعد توقعات بتفكيك محتمل أو بيع أجزاء رئيسية من الشركة، أنهت جوجل العام بأرباح قياسية، معززة مكانتها في سوق الذكاء الاصطناعي ومحافظة على هيمنتها في مجال البحث والإعلانات الرقمية. هذا النجاح يأتي في ظل ضغوط متزايدة من الجهات التنظيمية والمنافسين.
بدأت هذه السنة بتوقعات قاتمة، حيث واجهت جوجل ثلاث قضايا قانونية كبرى، بالإضافة إلى منافسة شرسة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وتغيير محتمل في الإدارة الأمريكية. كانت هناك مخاوف حقيقية من أن هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تغيير جذري في هيكل الشركة وعملياتها.
تجاوز التحديات القانونية: انتصار لجوجل في معركة الاحتكار
كانت القضية الأكثر إلحاحًا هي دعوى قضائية تتعلق بممارسات الاحتكار في سوق محركات البحث. اتهمت وزارة العدل الأمريكية جوجل باستغلال موقعها المهيمن لعرقلة المنافسة. ومع ذلك، تجنبت جوجل السيناريو الأسوأ، وهو إجبارها على بيع متصفح كروم. ورغم إقرار المحكمة باحتكار جوجل لسوق البحث، رفضت وزارة العدل الحلول المتطرفة التي كانت تقترحها.
وفقًا لقرار المحكمة، سُمح لجوجل بالاستمرار في دفع مبالغ مالية لضمان ظهور محرك بحثها بشكل افتراضي في الأجهزة والمنصات الأخرى، مثل أجهزة آبل. في المقابل، طُلب منها بيع جزء محدود من بيانات البحث لمنافسيها بتكلفة منخفضة، بهدف تعزيز المنافسة في السوق. ومع ذلك، تعتبر جوجل هذا الإجراء محدود التأثير وتخطط لاستئناف الحكم.
ملفات قانونية أخرى لا تزال قيد النظر
لا تزال قضية تقنيات الإعلانات معلقة، حيث تسعى وزارة العدل إلى تفكيك أعمال جوجل في هذا المجال. لكن القاضية المشرفة على القضية أبدت تفضيلًا للحلول السلوكية أو التوصل إلى تسوية بدلاً من تفكيك هيكلي قد يستغرق وقتًا طويلاً.
وفي نزاعها مع شركة Epic Games، خسرت جوجل استئنافًا آخر، مما أجبرها على فتح متجر Play أمام طرق دفع بديلة ومتاجر تطبيقات منافسة. تحاول جوجل الآن احتواء الأثر من خلال تسوية محتملة تتضمن خفض الرسوم وإنشاء فئة جديدة من “متاجر التطبيقات المسجلة”، ولكن هذا يتطلب موافقة المحكمة.
الذكاء الاصطناعي والأداء المالي القوي
بعيدًا عن المعارك القانونية، حققت جوجل تقدمًا ملحوظًا في مجالات أخرى، خاصة في تطوير الذكاء الاصطناعي. شهدت هواتف بكسل تحسنًا كبيرًا في الأداء، مما يعكس التزام جوجل بتطوير أجهزتها الخاصة التي تعمل بنظام أندرويد.
وقد أطلقت جوجل نماذج Gemini 3، التي حظيت بإشادة واسعة النطاق وأثارت اهتمامًا كبيرًا في الصناعة. على الرغم من أن العائد المالي المباشر من الذكاء الاصطناعي لا يزال أقل من عائدات الإعلانات، إلا أن المؤشرات المالية كانت مشجعة.
في أكتوبر الماضي، أعلنت جوجل عن تحقيق إيرادات تجاوزت 100 مليار دولار في ربع سنوي واحد، وهو رقم قياسي للشركة. كما شهدت إيرادات خدماتها السحابية Google Cloud نموًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى 15 مليار دولار، مما يشير إلى الأثر الإيجابي لاستثمارات جوجل في التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت جوجل في دخول سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت في بيع رقائقها الخاصة TPU من الجيل السابع لشركات خارجية. تهدف هذه الخطوة إلى منافسة هيمنة شركة إنفيديا على هذا السوق الحيوي.
بشكل عام، يمثل عام 2025 نقطة تحول مهمة لجوجل، حيث تمكنت من تجاوز العديد من التحديات وتحقيق نتائج مالية قوية.
مع نهاية العام، يبدو أن ساندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، قد نجح في قيادة الشركة خلال فترة صعبة، وحقق مكاسب كبيرة على الرغم من المخاطر المحيطة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تنتظر جوجل في المستقبل، بما في ذلك استمرار المعارك القانونية، والمخاطر المتعلقة بفقاعة الذكاء الاصطناعي، والمنافسة المتزايدة في السوق.
من المتوقع أن تشهد سنة 2026 استمرار هذه التحديات، مع التركيز بشكل خاص على نتائج الاستئناف في قضية الاحتكار، وتطورات قضية تقنيات الإعلانات، والقدرة على تحقيق عائد مالي مستدام من استثمارات الذكاء الاصطناعي.
