انطلاقًا من رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة للتنويع الاقتصادي وتعزيز مكانتها كمركز للابتكار التكنولوجي، رسّخت الرياض مكانتها سريعًا كعاصمة عالمية متنامية في مجال الأمن السيبراني. ويُعد مؤتمر (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) الذي اختتم أعماله مؤخرًا، دليلًا قاطعًا على هذا التحول، حيث حقق أرقامًا قياسية في المشاركة والنطاق، مؤكدًا الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للمنطقة في تشكيل مستقبل الحماية الرقمية على مستوى العالم.
نُظم المؤتمر، الذي استمر لمدة ثلاثة أيام في منطقة ملهم شمال الرياض، من قبل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة (تحالف) التابعة له، وبالشراكة مع (إنفورما) العالمية وصندوق الفعاليات الاستثماري. وقد شهد حضورًا كثيفًا من خبراء ومسؤولين حكوميين وشركات متخصصة من جميع أنحاء العالم، مما يعكس الثقة المتزايدة في قدرات المملكة على استضافة فعاليات دولية رفيعة المستوى في هذا المجال الحيوي.
(بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025).. أرقام قياسية تعزز مكانة الرياض في مجال الأمن السيبراني
أعلن متعب القني، الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، عن تحقيق المؤتمر لأرقام قياسية جديدة هذا العام، مع مشاركة تتجاوز 50 ألف مختص وزائر من 163 دولة. وأشار إلى أن عدد الشركات المشاركة بلغ 500 شركة، منها 66% شركات دولية، مما يؤكد الجاذبية المتزايدة للرياض كمركز للأعمال والاستثمار في قطاع التكنولوجيا.
وبحسب القني، شهد المؤتمر زيادة ملحوظة في المحتوى التقني المقدم، حيث بلغ أكثر من 200 ساعة من العروض والورش التدريبية التي ألقاها 300 متحدثًا متخصصًا. هذا النمو في المحتوى يعكس التزام المملكة بتوفير منصة للمعرفة وتبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني، وتسليط الضوء على التحديات والفرص المتاحة في هذا القطاع.
أبرز ما جاء في كلمة الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز م. متعب القني @malobeiwi كلمته الافتتاحية في فعالية بلاك هات 25 pic.twitter.com/YmY5TV5D2V
— الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز (@SAFCSP) December 2, 2025
وأضاف القني أن المؤتمر ساهم في تعزيز دور المملكة كمركز إقليمي وعالمي في مجال الأمن السيبراني، موضحًا أن مشاركة كبار التنفيذيين بلغت 50% من إجمالي الحضور، مما يعكس الأهمية المتزايدة للحدث في التأثير على بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة والمنطقة.
الرياض مركزًا عالميًا للابتكار في مجال التكنولوجيا
لا يقتصر تأثير (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) على الجانب الكمي، بل يتعداه ليكون بمثابة شهادة على تحول الرياض إلى مركز رئيسي عالمي للابتكار في مجال الأمن السيبراني. فمشاركة هذا العدد الكبير من الشركات العالمية تؤكد على الثقة في البنية التحتية التكنولوجية المتطورة في المملكة، وفي البيئة التنظيمية الداعمة لنمو الشركات الناشئة والمتخصصة.
وسلط المؤتمر الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاع التكنولوجيا في المملكة، واستقطب اهتمامًا كبيرًا من المستثمرين وصناديق رأس المال الجريء. ويهدف هذا الاهتمام إلى دعم نمو الشركات المحلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخلق فرص عمل جديدة في هذا المجال.
نماء الشركات الناشئة في قطاع الأمن السيبراني
شهد المؤتمر مشاركة لافتة من الشركات الناشئة في مجال الأمن السيبراني، والتي تمكنت من عرض منتجاتها وحلولها المبتكرة أمام جمهور واسع من المستثمرين والخبراء. وقد حققت بعض هذه الشركات نموًا سريعًا وتوسعًا عالميًا خلال سنوات قليلة، بفضل الفرص التي أتاحها المؤتمر والبيئة الداعمة في المملكة.
ومن بين الشركات الناشئة التي حققت نجاحًا ملحوظًا: شركة (DataLexing)، التي توسعت لخدمة أكثر من 3,500 عميل في 41 دولة؛ وشركة (Spidersilk)، التي جمعت نحو 9 ملايين دولار وتشارك هذا العام كعارض رئيسي؛ وشركة (Solidrange)، التي سجلت نموًا تجاوز 450% خلال عام واحد.
تطوير الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني
إدراكًا لأهمية تطوير الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني، أطلق الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز برنامجًا تدريبيًا متخصصًا بالتعاون مع جهات دولية رائدة مثل CQURE و OffSec. يستهدف البرنامج تدريب وتأهيل الشباب السعودي للعمل في هذا المجال الحيوي، وتلبية الطلب المتزايد على الكفاءات المتخصصة.
وقد حقق البرنامج نسبة رضا عالية بلغت 92% في الدورات السابقة، مما يعكس جودة التدريب وأهميته في تطوير مهارات المتدربين. كما شارك مئات الشباب السعودي من منطقة ملهم في تنظيم وإدارة فعاليات المؤتمر، مما ساهم في اكتسابهم خبرة عملية قيمة.
تُعد نسخة (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) بمثابة خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية المملكة في أن تصبح مركزًا عالميًا للابتكار في مجال الأمن السيبراني. ومع استمرار المملكة في الاستثمار في هذا القطاع، فمن المتوقع أن تشهد الرياض نموًا مضطردًا في عدد الشركات الناشئة، وزيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطويرًا مستمرًا للكفاءات الوطنية.
Heads down, hands on.
Exploit devices, crack games, and spoof ships at The Activity Zone.#BlackHatMEA pic.twitter.com/Z5uIcs4Zml
— Black Hat MEA (@Blackhatmea) December 2, 2025
من المتوقع أن يستمر الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز في تنظيم فعاليات مشابهة في المستقبل، بهدف تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار في مجال التكنولوجيا. وستركز هذه الفعاليات على استقطاب الشركات العالمية، ودعم نمو الشركات الناشئة، وتطوير الكفاءات الوطنية، وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال الأمن السيبراني.
