يشهد قطاع التكنولوجيا المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة نموًا ملحوظًا، مع تزايد اهتمام المستثمرين بـ الذكاء الاصطناعي في إدارة ثرواتهم. أظهر استطلاع حديث صادر عن شركة ألفيا لإدارة الثروات أن أغلبية المستثمرين الإماراتيين على استعداد لتبني حلولًا قائمة على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات المالية، مما يعكس ثقة متنامية في قدرات التكنولوجيا وتأثيرها الإيجابي المحتمل.
وقد أجري الاستطلاع خلال شهري مايو ويونيو 2025، وشمل 509 مستثمرًا من مختلف الفئات، مما يسلط الضوء على اتجاه واسع النطاق نحو دمج التكنولوجيا في الاستثمارات. وتأتي هذه النتائج في وقت تسعى فيه الإمارات لتصبح مركزًا عالميًا للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من بيئة تنظيمية داعمة واستثمارات حكومية كبيرة في هذا القطاع.
ثقة متزايدة: المستثمرون الإماراتيون يتقبلون الذكاء الاصطناعي كبديل للمستشار المالي
أظهر الاستطلاع قبولًا كبيرًا للذكاء الاصطناعي كأداة لإدارة الثروات، حيث صرح 73% من المشاركين بأنهم سيعتمدون على الذكاء الاصطناعي بدلاً من المستشارين البشريين. وذكر 70.8% من المستثمرين أنهم يثقون في قدرة الذكاء الاصطناعي على إدارة محافظهم الاستثمارية بكفاءة.
وبشكل خاص، يزداد هذا التوجه بين أصحاب الملاءة المالية العالية، حيث أعرب 52% منهم عن رضاهم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، مقارنة بـ 37% فقط من المستثمرين الأفراد. يعكس هذا الاختلاف قدرة أصحاب الثروات على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة وتقييم فوائدها بشكل أفضل. وهذا بدوره يُظهر تحولًا في نمط الاستثمار نحو الأساليب الأكثر حداثة وتطورًا.
التحديات التي تواجه تبني الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية
على الرغم من الثقة الكبيرة، حدد الاستطلاع بعض التحديات التي قد تعيق تبني الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع. أفاد 40% من المستثمرين بأن عروض المنتجات الحالية القائمة على الذكاء الاصطناعي لا تلبي احتياجاتهم بشكل كامل.
ويشير هذا إلى أن المنصات الحالية بحاجة إلى تحسينات في مجالات مثل التخصيص، وسهولة الاستخدام، وتوفير حلول استثمارية متكاملة. إضافة إلى ذلك، يظل هناك قلق بشأن الشفافية، وقابلية تفسير قرارات الذكاء الاصطناعي، وحماية بيانات المستثمرين.
دور المستشار البشري في ظل صعود الذكاء الاصطناعي
على الرغم من التوجه نحو الذكاء الاصطناعي، لا يزال العنصر البشري يلعب دورًا هامًا في القرارات الاستثمارية. أظهر الاستطلاع أن ما يقرب من 50% من المستثمرين في الإمارات يعتمدون على أفراد العائلة للحصول على مشورة حول الاستثمارات المهمة، مما يؤكد أهمية الثقة والعلاقات الشخصية في إدارة الثروات.
ينطوي هذا المزيج بين التكنولوجيا والخبرة البشرية على فرصة للمؤسسات المالية لتقديم خدمات هجينة تجمع بين مزايا كل منهما. فالمستشار المالي يمكنه استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتقديم توصيات استثمارية، مع الحفاظ على دوره في فهم الاحتياجات الفردية للمستثمرين وتوفير الدعم العاطفي والتوجيه اللازمين. ويُعد هذا النموذج المتكامل نقطة قوة محتملة في السوق المحلي.
تأثيرات على السوق المالي في الإمارات
تُشير هذه النتائج إلى أن السوق المالي في دولة الإمارات على وشك التحول. تعتبر البنية التحتية التنظيمية المتقدمة، التي يوفرها كل من سوق أبوظبي العالمي ومركز دبي المالي العالمي، بالإضافة إلى استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، بيئة مثالية لتطوير خدمات إدارة الثروات الرقمية. وتشجع هذه العوامل شركات التكنولوجيا المالية على الاستثمار والابتكار في الدولة، مما يعزز المنافسة ويساهم في تطوير حلول استثمارية أفضل.
ويتوقع المراقبون تزايدًا في عدد شركات التكنولوجيا المالية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التي ستعمل في الإمارات في الفترة القادمة. وتستعد هذه الشركات لتقديم أدوات أكثر ذكاءً وشخصية للمستثمرين، مما سيتطلب من المؤسسات المالية التقليدية إعادة هيكلة خدماتها والتركيز على تقديم قيمة مضافة تتجاوز مجرد إدارة المحافظ الاستثمارية. وتشمل هذه القيمة، على سبيل المثال، التخطيط المالي الشامل، وإدارة المخاطر المخصصة، وتقديم المشورة الضريبية.
في الختام، تُظهر النتائج أن تبني الذكاء الاصطناعي في قطاع إدارة الثروات في الإمارات ليس مجرد اتجاه، بل هو تحول جذري يستدعي الاستعداد والتكيف. من المتوقع أن تشهد السنوات القليلة القادمة زيادة في اللوائح التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية، بالإضافة إلى منافسة شرسة بين الشركات التقليدية والناشئة لتقديم أفضل الحلول الاستثمارية. وسيكون من الضروري مراقبة تطور هذه العوامل لتقييم مستقبل إدارة الثروات في دولة الإمارات.
