كشفت دراسة حديثة عن تقدم كبير في مجال الأطراف الاصطناعية، حيث أظهرت تقنية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومستشعرات متطورة قدرة اليد البيونيكية على الإمساك بالأشياء بشكل طبيعي وبديهي. يهدف هذا التطور إلى تحسين جودة حياة الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم وتقليل الجهد الذهني المطلوب لأداء المهام اليومية. أجريت الدراسة في جامعة يوتا ونشرت نتائجها في ديسمبر 2025.
تعتبر الأطراف الاصطناعية المتقدمة من التقنيات الواعدة التي تتيح للأفراد الذين يعانون من فقدان الأطراف استعادة بعض وظائفهم الحركية. ومع ذلك، فإن التحكم في هذه الأطراف غالبًا ما يكون تحديًا، ويتطلب تركيزًا ذهنيًا كبيرًا. تسعى الأبحاث الحالية إلى تطوير أنظمة تحكم أكثر طبيعية وسهولة في الاستخدام، وهو ما حققته هذه الدراسة بشكل ملحوظ.
تطوير اليد البيونيكية الذكية
لطالما كان التحدي الأكبر في تصميم الأطراف الاصطناعية هو محاكاة القدرات الحركية المعقدة لليد البشرية. عندما يمسك الإنسان بشيء ما، فإن الدماغ يقوم تلقائيًا بتنسيق حركة الأصابع دون الحاجة إلى تفكير واعٍ في كل مفصل. تتطلب الأطراف الاصطناعية التقليدية من المستخدم التحكم في كل حركة بشكل فردي، مما يزيد من العبء المعرفي ويقلل من الكفاءة.
لمعالجة هذه المشكلة، قام باحثون في جامعة يوتا بدمج مستشعرات القرب والضغط في اليد البيونيكية التجارية من شركة TASKA Prosthetics. تم تدريب شبكة عصبية اصطناعية على التعرف على أوضاع الإمساك المختلفة، مما سمح للأصابع بالتحرك بشكل مستقل وتلقائي نحو الوضع الصحيح للإمساك بالجسم المستهدف. هذا النهج يحاكي الطريقة التي يعمل بها الدماغ البشري، مما يقلل من الجهد الذهني المطلوب.
تحسين حاسة اللمس
أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في الإمساك الطبيعي هو حاسة اللمس. توفر مستشعرات الضغط الموجودة في أطراف الأصابع معلومات دقيقة حول شكل وحجم وملمس الجسم، مما يسمح للدماغ بتعديل القبضة تلقائيًا. قام الباحثون بتجهيز اليد البيونيكية بمستشعرات بصرية للقرب بالإضافة إلى مستشعرات الضغط، مما أدى إلى تحسين قدرتها على استشعار الأجسام الخفيفة جدًا.
التحكم المشترك بين الإنسان والآلة
على الرغم من التقدم الكبير في أنظمة التحكم القائمة على الذكاء الاصطناعي، إلا أنه من المهم الحفاظ على سيطرة المستخدم. قام الباحثون بتطوير نهج يقوم على تقاسم التحكم، مما يسمح للمستخدم بتجاوز قرارات الذكاء الاصطناعي إذا لزم الأمر. هذا يضمن أن المستخدم لديه دائمًا القدرة على التحكم الكامل في اليد البيونيكية.
أظهرت التجارب التي أجريت على أربعة مشاركين يعانون من بتر في الذراع تحسنًا ملحوظًا في أدائهم في المهام اليومية. تمكن المشاركون من رفع الأكواب والتقاط الأجسام الصغيرة بسهولة أكبر وبجهد ذهني أقل. كما أشاروا إلى أن اليد البيونيكية الجديدة كانت أكثر طبيعية وبديهية في الاستخدام مقارنة بالأطراف الاصطناعية التقليدية. تعتبر هذه النتائج واعدة للغاية، وتشير إلى أن هذه التقنية يمكن أن تحسن بشكل كبير جودة حياة الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم.
بالإضافة إلى اليد البيونيكية، فإن هذا البحث يفتح آفاقًا جديدة في مجال الروبوتات اللينة (Soft Robotics) وأنظمة الاستشعار المتقدمة. يمكن تطبيق هذه التقنيات في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الصناعة والرعاية الصحية والزراعة.
من المتوقع أن يستمر الباحثون في تحسين هذه التقنية، مع التركيز على زيادة دقة المستشعرات وتقليل حجمها وتكلفة إنتاجها. كما يخططون لإجراء المزيد من التجارب السريرية لتقييم فعالية اليد البيونيكية في مجموعة واسعة من المرضى. من المرجح أن نشهد في السنوات القادمة تطورات كبيرة في مجال الأطراف الاصطناعية، مما سيؤدي إلى تحسين حياة الملايين من الأشخاص حول العالم. يبقى تقييم التكلفة وإمكانية الوصول إلى هذه التقنية تحديًا رئيسيًا يجب معالجته.
