شهد عام 2025 تركيزًا غير مسبوق على دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الأجهزة التقنية، بدءًا من الهواتف الذكية مثل Google Pixel 10 وحتى الأجهزة المنزلية الذكية. وقد كان مؤتمر Google I/O 2025 خير دليل على هذا التوجه، حيث ركزت الشركة بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي Gemini وقدراته المتنوعة. لم يقتصر الأمر على الإعلانات المتعلقة بالبرمجيات، بل امتد ليشمل تكامل الذكاء الاصطناعي في صميم تجربة المستخدم عبر منتجات Google المختلفة.
ويبدو أن هذا التحول ليس خاصًا بشركة Google، إذ تتسابق الشركات التقنية الأخرى، مثل Microsoft وMeta وLG، لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أجهزتها ومنصاتها. شهدنا ظهور أدوات وميزات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل معالجة الصور، والترجمة، والمساعدة الصوتية، وحتى الألعاب. ورغم هذا الحماس، تظهر بعض المؤشرات التي تدل على أن تبني المستهلكين لهذه التقنيات الجديدة قد لا يكون بنفس القدر.
صعود وربما تراجع الذكاء الاصطناعي في الأجهزة
أكد خبراء الصناعة أن هذا التدفق المفاجئ لميزات الذكاء الاصطناعي يعود إلى حاجة الشركات إلى تبرير الاستثمارات الضخمة التي قامت بها في هذا المجال. فمع تخصيص مبالغ طائلة للبحث والتطوير، تسعى الشركات إلى إيجاد طرق لتقديم قيمة ملموسة للمستهلكين وإقناعهم بفوائد الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة، فالعديد من المستهلكين لا يزالون غير متأكدين من كيفية استخدام هذه التقنيات الجديدة أو ما إذا كانوا بحاجة إليها بالفعل.
على سبيل المثال، تراجعت شركة LG عن دمج ميزة Copilot في أجهزتها التلفزيونية بعد ردود فعل عنيفة من المستخدمين. وبالمثل، واجهت أدوات مثل Gemini for Home وAlexa+ تحديات في جذب قاعدة مستهلكين واسعة. وتشير التقارير إلى أن العديد من المستخدمين يجدون هذه الأدوات غير مفيدة أو حتى مزعجة، مما يعكس حالة من عدم اليقين والتشكيك حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية.
تحديات التسويق وتقبل المستهلك
وكشفت استطلاعات الرأي الحديثة، بما في ذلك دراسة أجرتها مؤسسة Pew Research في سبتمبر، عن تراجع في المشاعر الإيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي. حيث أعرب عدد قليل فقط من المشاركين عن “حماس أكثر من القلق” بشأن الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن معظمهم أبدوا استعدادًا لتقبل مساعدته في بعض المهام اليومية. وهذا يشير إلى أن مجرد وجود ميزة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لا يكفي لضمان تبنيها من قبل المستهلكين. يجب أن تكون هذه الميزة مفيدة وسهلة الاستخدام وذات قيمة حقيقية للمستخدم.
يرى المحللون أن جزءًا من المشكلة يكمن في أن الشركات قد تكون “بالغت في الوعود” بقدرات الذكاء الاصطناعي وفشلت في تحقيق توقعات المستهلكين. ففي حين أن الذكاء الاصطناعي يمتلك إمكانات هائلة، إلا أنه لا يزال في مراحله الأولى من التطور، وهناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
علاوة على ذلك، هناك مخاوف متزايدة بشأن استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية الذي تتطلبه تقنيات الذكاء الاصطناعي. فمعالجة كميات هائلة من البيانات وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة يتطلب قوة حوسبة هائلة، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الكهرباء والمياه والموارد الأخرى. وهذا يثير تساؤلات حول الاستدامة البيئية لنهج الذكاء الاصطناعي الحالي.
مستقبل Gemini والتقنيات المماثلة
على الرغم من هذه التحديات، لا يزال الذكاء الاصطناعي قوة دافعة في صناعة التكنولوجيا. ومن المتوقع أن تستمر الشركات في الاستثمار في هذا المجال وتطوير أدوات وميزات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن النجاح في هذا المجال سيعتمد على قدرة الشركات على معالجة مخاوف المستهلكين وتقديم قيمة حقيقية وتلبية احتياجاتهم.
على المدى القصير، من المرجح أن نرى المزيد من التحسينات في ميزات الذكاء الاصطناعي الحالية، مثل معالجة اللغة الطبيعية ورؤية الكمبيوتر. وقد يشمل ذلك تطوير نماذج أكثر دقة وكفاءة، وتحسين واجهات المستخدم، وتوسيع نطاق التطبيقات المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، نتوقع رؤية المزيد من التجارب مع أشكال جديدة من الأجهزة التي تدعم الذكاء الاصطناعي، مثل النظارات الذكية والساعات الذكية والأجهزة المنزلية الذكية.
ويرجح أن تستمر Google في التركيز على الذكاء الاصطناعي Gemini كجزء أساسي من استراتيجيتها التكنولوجية، مع سعيها لدمجه في المزيد من المنتجات والخدمات. ومع ذلك، فإن المنافسة في هذا المجال شرسة، وستحتاج Google إلى مواصلة الابتكار والتكيف مع احتياجات المستهلكين للحفاظ على مكانتها الرائدة. أما بالنسبة لمشاريع مثل مشروع Altman وIve المجهول، فإنه يمثل مثالًا على الشكوك التي تحيط بقطاع الذكاء الاصطناعي، حيث لا يزال من غير الواضح ما يمكن أن يقدمه هذا المشروع للعالم.
في النهاية، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأجهزة سيعتمد على ما إذا كانت الشركات قادرة على إقناع المستهلكين بفوائده وتقديم تجربة مستخدم سلسة ومفيدة. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة تطورات كبيرة في هذا المجال، وسيكون من المثير للاهتمام مراقبة كيفية تطور العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمستهلكين. في الأيام القادمة، ستكشف الشركات عن المزيد من الاستثمارات وستعمل على معالجة المخاوف التي أثيرت، مما يجعل مستقبل этой область مثيرًا للاهتمام بشكل خاص.