اتخذت شركة جوجل خطوة مهمة نحو تعزيز الخصوصية على المتصفح من خلال دمج دعم التحكم في الخصوصية العالمية (GPC) في نظام Chrome الأساسي. يمثل هذا التحديث إقرارًا قانونيًا بإشارة GPC، والتي تتيح للمستخدمين إخبار مواقع الويب بطلبهم عدم بيع أو مشاركة بياناتهم الشخصية بشكل تلقائي ومباشر. يأتي هذا التطور في وقت يزداد فيه التركيز على حقوق المستخدمين في حماية بياناتهم عبر الإنترنت.
أعلنت جوجل عن هذا التغيير مؤخرًا، مما يشير إلى استعدادها للامتثال للوائح الخصوصية المتزايدة. يُتوقع أن يوفر هذا الدعم للمستخدمين تحكمًا أكبر في معلوماتهم الشخصية، ويقلل من الحاجة إلى التعامل مع الإشعارات المتعددة المتعلقة بملفات تعريف الارتباط وسياسات الخصوصية. يأتي هذا الإجراء بعد ضغوط متزايدة من منظمي حماية البيانات والمدافعين عن حقوق المستهلكين.
أهمية التحكم في الخصوصية العالمية (GPC)
التحكم في الخصوصية العالمية (GPC) هو إشارة موحدة يمكن للمستخدمين تفعيلها في متصفحاتهم. بمجرد تفعيلها، يرسل المتصفح طلبًا تلقائيًا إلى كل موقع ويب يزوره المستخدم، يطلب منه عدم بيع أو مشاركة معلوماته الشخصية. هذا يختلف بشكل كبير عن آليات الموافقة التقليدية التي تتطلب من المستخدمين اتخاذ قرارات فردية لكل موقع ويب.
الأساس القانوني لـ GPC
تكمن قوة GPC في اعترافها القانوني. يعتبر قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA) بالفعل GPC طريقة صالحة للمستهلكين لممارسة حقهم في إلغاء الاشتراك في بيع معلوماتهم الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب قانون “Opt Me Out” الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في يناير 2027، من جميع المتصفحات الرئيسية المستخدمة في كاليفورنيا دعم GPC بشكل افتراضي.
وفقًا للمعلومات المتاحة، سيتوافق Chrome مع مواصفات W3C الرسمية لـ GPC، مما يضمن التوحيد القياسي والتوافق عبر مختلف المتصفحات ومواقع الويب. سيشمل ذلك توفير إعداد مرئي للمستخدمين لتفعيل GPC، بالإضافة إلى طريقة لمواقع الويب لاكتشاف الإشارة والرد عليها.
خطوة متأخرة ولكنها مهمة من جوجل
على الرغم من أن جوجل قد تأخرت في تبني GPC مقارنة بالمتصفحات الأخرى التي تركز على الخصوصية مثل Firefox و Brave و DuckDuckGo، إلا أن هذه الخطوة تعتبر ضرورية لضمان الامتثال للوائح الخصوصية المتزايدة. في السابق، اعتمد Chrome على خاصية “عدم التتبع” (Do Not Track)، ولكن هذه الخاصية كانت مجرد طلب، ولم يكن لدى مواقع الويب أي التزام قانوني بتنفيذه.
في المقابل، فإن GPC مدعومة باللوائح التنظيمية، مما يعني أن الشركات التي تفشل في احترام الإشارة قد تواجه عواقب قانونية. وقد شهدنا بالفعل أمثلة على ذلك، حيث فرض المدعي العام في كاليفورنيا تسويات كبيرة على شركات مثل سيفورا بسبب عدم احترامها لطلبات GPC.
من المتوقع أن يؤدي دعم Chrome لـ GPC إلى تقليل عدد النوافذ المنبثقة المتعلقة بالموافقة على ملفات تعريف الارتباط وسياسات الخصوصية التي يواجهها المستخدمون. بدلاً من ذلك، سيعمل المتصفح كوكيل للمستخدم، وسيفرض تفضيلات حماية البيانات الخاصة به بشكل متسق عبر الويب. هذا يوفر تجربة أكثر سلاسة وأمانًا للمستخدمين.
بالإضافة إلى GPC، تدرس جوجل طرقًا أخرى لتعزيز الخصوصية على الويب، بما في ذلك تقنيات مثل Privacy Sandbox التي تهدف إلى استبدال ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية ببدائل تحافظ على الخصوصية. هذه الجهود تعكس التزام جوجل المتزايد بمعالجة مخاوف الخصوصية لدى المستخدمين.
المستقبل والخطوات القادمة
في الوقت الحالي، لا يزال دعم GPC في Chrome قيد التطوير، ولا يوجد تاريخ إطلاق محدد بعد. من المؤكد أن المدافعين عن الخصوصية سيراقبون عن كثب تقدم جوجل في هذا المجال، نظرًا لأهمية Chrome في سوق المتصفحات. من المهم أيضًا ملاحظة أن نجاح GPC يعتمد على تبنيها على نطاق واسع من قبل مواقع الويب.
مع اقتراب موعد سريان قانون “Opt Me Out” في يناير 2027، من المتوقع أن تزداد الضغوط على جوجل لإكمال عملية دمج GPC في Chrome. سيظل من المهم أيضًا مراقبة التطورات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالخصوصية على الإنترنت، حيث يمكن أن تؤثر هذه التطورات على مستقبل GPC وتقنيات أمان الإنترنت الأخرى.
