:
اختتمت فعاليات “بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025” في الرياض، مسجلةً حضورًا قياسيًا ومؤكدةً مكانة المملكة العربية السعودية كمركز عالمي متنامي في مجال الأمن السيبراني والتحول الرقمي. وقد استقطب الحدث، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز بالتعاون مع شركة تحالف، نخبة من الخبراء وصناع القرار والمستثمرين من جميع أنحاء العالم، مما يعزز دور الرياض كبوابة للتعاون الدولي في هذا القطاع الحيوي.
شهدت النسخة الحالية من المؤتمر إقبالًا غير مسبوق، يعكس الثقة المتزايدة في السوق الرقمية السعودية وقدرتها على استضافة فعاليات عالمية المستوى. وقد تجاوز عدد الزوار 40 ألفًا من 160 دولة، مما يؤكد أهمية الحدث في تبادل الخبرات والمعرفة حول أحدث التحديات والحلول في مجال حماية الفضاء الرقمي. وتأتي هذه النتائج في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة المملكة كقوة اقتصادية رائدة.
بلاك هات 2025: حضور عالمي يعزز مكانة السعودية في الأمن السيبراني
لم يكن الإقبال على المؤتمر مجرد رقمًا قياسيًا، بل تجسيدًا لجهود المملكة المستمرة في تطوير قطاع الأمن السيبراني، والذي أصبح ضرورة حتمية في ظل التهديدات المتزايدة التي تواجه البنية التحتية الرقمية العالمية. وقد ساهمت الاستثمارات الكبيرة في هذا المجال، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات دولية كـ “بلاك هات”، في جذب الشركات الرائدة والمتخصصين العالميين إلى المملكة.
وقد بلغ إجمالي المساحة التي أقيم عليها المؤتمر 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة قدمت أحدث التقنيات والحلول في مجال الأمن السيبراني. كما قدم المؤتمر أكثر من 200 ساعة من المحتوى التقني المتنوع، من خلال 300 متحدثًا دوليًا و270 ورشة عمل متخصصة، مما أتاح للمشاركين فرصة الاطلاع على أحدث الاتجاهات والتطورات في هذا المجال.
أرقام قياسية تعكس النجاح
شهدت منافسات “التقط العلم” (Capture the Flag) مشاركة قوية من 500 متسابق، مما يدل على الاهتمام المتزايد ببناء الكفاءات وصقل المهارات في مجال الأمن السيبراني. كما بلغ إجمالي المشاركين في مختلف فعاليات المؤتمر 4,100 متسابق، وشاركت 1,300 شركة عالمية، وحضر 1,300 متخصص في الأمن السيبراني، مما يعكس تحول المؤتمر إلى منصة عالمية للتعاون التقني وتبادل الخبرات.
جاذبية الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الرقمي
لم يقتصر تأثير “بلاك هات 2025” على الجانب التقني والمعرفي، بل امتد ليشمل تعزيز الاستثمار في قطاع الأمن السيبراني في المملكة. وقد بلغت قيمة الأصول المُدارة للمشاركين في المؤتمر نحو 13.9 مليار ريال، مما يعكس الثقة الدولية المتزايدة بالسوق الرقمية السعودية وقدرتها على تحقيق عوائد استثمارية مجزية.
وقد أُعلنت خلال المؤتمر أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، مما يساهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة. وتعتبر هذه الصفقات خطوة أساسية نحو تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود في رؤية المملكة 2030، والتي تولي اهتمامًا خاصًا بتطوير القطاع الرقمي.
تحديات الأمن السيبراني لعام 2026
ركزت الجلسات المتخصصة في المؤتمر على أهم تحديات الأمن السيبراني المتوقعة لعام 2026، بما في ذلك توسع أسطح الهجمات السيبرانية، وتنامي تأثير أنظمة الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار، وتعقيدات سلاسل الإمداد، والضغوط المتزايدة على منظومات الهوية الرقمية. وأشار الخبراء إلى أن وتيرة التحول التقني قد تجاوزت ما شهده القطاع في العقدين السابقين.
وقدّم خبراء من المعهد الوطني للأمن ووزارة الدفاع البريطانية، بالإضافة إلى شركات تقنية عالمية رائدة، رؤى معمقة حول مستقبل الدفاعات الرقمية. وشددوا على ضرورة تعزيز الاستثمار في حماية الأنظمة في عصر الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على الانضباط التشغيلي، ورفع مستوى الرقابة على سلاسل الإمداد لضمان أمنها ومرونتها. كما تم التأكيد على أهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه التحديات المتزايدة.
في الختام، يمثل “بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025” علامة فارقة في مسيرة المملكة نحو تعزيز مكانتها كمركز عالمي للأمن السيبراني. ومن المتوقع أن تستمر المملكة في استضافة هذا الحدث الهام في السنوات القادمة، وأن تشهد المزيد من التطورات والابتكارات في هذا المجال. وستركز الجهود المستقبلية على تطوير الكفاءات الوطنية، وتعزيز التعاون الدولي، ومواجهة التحديات السيبرانية المتزايدة، بما يضمن أمن واستقرار الفضاء الرقمي في المملكة والمنطقة.
