في ظل التزايد المطرد في اعتماد السوريين على الخدمات المصرفية الإلكترونية وتطبيقات الدفع الرقمي، حذر مصرف سورية المركزي من ارتفاع ملحوظ في محاولات الاحتيال الإلكتروني التي تستهدف حسابات المستخدمين وبياناتهم الشخصية. يأتي هذا التحذير عبر القناة الرسمية للمصرف على تطبيق تيليجرام، مؤكدًا على تطور أساليب المخترقين وصعوبة اكتشافها من قبل المستخدم العادي.
التحذير الجديد هو جزء من جهود مستمرة تبذلها السلطات السورية لتوعية الجمهور بمخاطر الفضاء الإلكتروني، وذلك بعد رصد زيادة في عمليات الاحتيال التي تستغل التطبيقات المالية، بما في ذلك تطبيق “شام كاش”. ويهدف المصرف من خلال هذا الإعلان إلى حماية أموال المواطنين وتقليل الخسائر الناتجة عن هذه الهجمات المتزايدة.
تصاعد خطر الاحتيال الإلكتروني: موجة جديدة من الهجمات
أفاد مصرف سورية المركزي بأن الفترة الأخيرة شهدت تصاعدًا ملحوظًا في الهجمات الإلكترونية التي تعتمد على روابط التصيد الاحتيالي. وتستخدم هذه الروابط لخداع المستخدمين وإغرائهم بتقديم معلومات حساسة، مثل كلمات المرور وتفاصيل الحسابات المصرفية، مما يتيح للمخترقين الوصول إلى أموالهم وسرقتها.
وتشمل أبرز التحذيرات التي أصدرها المصرف:
- عدم مشاركة كلمات المرور أو رموز التحقق مع أي طرف، حتى لو ادعى الانتماء إلى المصرف المركزي أو الدعم الفني.
- الحذر الشديد من فتح الروابط غير المعروفة المصدر، حيث يمكن أن يؤدي الضغط عليها إلى اختراق الجهاز دون أي علامات تحذيرية.
- الإبلاغ الفوري عن أي رسالة مشبوهة وعدم إعادة إرسالها أو مشاركتها مع الآخرين.
- الوصول إلى التطبيقات والمواقع الرسمية الخاصة بالبنوك والشركات المالية المعتمدة فقط.
أسباب زيادة عمليات الاحتيال
يعزو خبراء الأمن السيبراني في سورية الزيادة الأخيرة في عمليات الاحتيال الرقمي إلى عدة عوامل، منها الانتشار الواسع لتطبيقات الدفع الإلكتروني الجديدة، وتزايد استخدام تطبيق “شام كاش” في تحويل الأموال، وظهور عدد كبير من المتاجر الإلكترونية غير الموثوقة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم انتشار الحسابات المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي التي تنتحل صفة جهات رسمية في تضليل المستخدمين.
وتشكل هذه العوامل بيئة مثالية للمخترقين، خاصة مع ضعف الوعي الأمني لدى الكثير من المستخدمين. ومع دخول مئات الآلاف من الموظفين والمواطنين إلى عالم الخدمات المالية الرقمية، أصبحت حساباتهم المصرفية هدفًا جذابًا للمجرمين.
تحذيرات سابقة بشأن تطبيق شام كاش
على الرغم من أن التحذير الأخير لم يذكر تطبيق “شام كاش” بشكل مباشر، إلا أن التطبيق كان من بين المنصات الأكثر استهدافًا من قبل المحتالين في الأشهر الماضية. فقد حذرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في أكتوبر 2023 من وجود مواقع وروابط إلكترونية تنتحل اسم التطبيق بهدف سرقة بيانات المستخدمين وأموالهم.
وأكدت الوزارة أن هذه الصفحات المزيفة غالبًا ما تعرض “بطاقات فيزا” أو هدايا مالية وهمية لجذب الضحايا. كما أصدرت شركة “شام كاش” تحذيرات مماثلة، مؤكدةً أن فريقها لا يطلب أبدًا معلومات شخصية أو مصرفية من المستخدمين عبر الهاتف أو تطبيق واتساب.
لماذا يقع المستخدمون ضحية الاحتيال؟
تشير التحليلات إلى أن هناك عدة أسباب تجعل المستخدمين عرضة لعمليات الاحتيال عبر الإنترنت. من أبرزها ضعف الثقافة الأمنية الرقمية، وعدم القدرة على التمييز بين الروابط الرسمية والمزيفة، خاصة إذا كانت الصفحات تبدو مشابهة للتطبيقات الأصلية. كما أن انتشار الحسابات الوهمية على فيسبوك وتيليجرام يزيد من صعوبة تحديد الجهات الموثوقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الهواتف القديمة التي لم يتم تحديثها يزيد من خطر اختراقها ببرامج خبيثة. ولا يمكن إغفال الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من السوريين، والتي تجعلهم أكثر عرضة للانخداع بوعود الحصول على أموال أو هدايا.
كيف تحمي نفسك من الاحتيال الإلكتروني؟
يؤكد مصرف سورية المركزي أن الوعي هو أفضل وسيلة للحماية من الاحتيال الإلكتروني. ويوصي المصرف باتباع الإرشادات التالية: عدم مشاركة رموز التحقق السري مع أي شخص، وعدم الضغط على أي روابط مشبوهة، واستخدام التطبيقات والمواقع الرسمية فقط، والإبلاغ الفوري عن أي محاولة احتيال.
ويرى مراقبون أن التحذير الأخير من المصرف المركزي يشير إلى تصاعد في التهديدات السيبرانية التي تستهدف النظام المالي والمستخدمين على حد سواء. ومع استمرار التطور التكنولوجي، من المتوقع أن تزداد أهمية حماية البيانات والمعلومات الشخصية. ومن المرجح أن يصدر المصرف المركزي المزيد من التوجيهات والتحذيرات في المستقبل القريب لتعزيز الأمن السيبراني وحماية أموال المواطنين.
